في خطوة تعكس الوعي القانوني والسياسي المتصاعد في العراق، نظم تيار قضيتنا امسية ثقافية تحت عنوان “تداعيات التصويت على قانون الأحوال الشخصية وقانون العفو العام على المجتمع العراقي”، مستضيفًا الأستاذ المحامي محمد جمعة لمناقشة أبعاد هذه القوانين المثيرة للجدل، بحضور عدد كبير من المختصين القانونيين والمهتمين بالشأن العام. تأتي هذه الفعالية في إطار التزام التيار بالدفاع عن الحقوق المدنية ومحاربة الفساد والتشريعات التي تهدد النسيج الاجتماعي العراقي.
رفض قاطع للفساد واستغلال القوانين
أبرز ما جاء في النقاش هو الموقف الحاسم الذي يتبناه التيار ضد قانون العفو العام بصيغته التي قد تتيح إفلات الفاسدين وسارقي المال العام من العقاب. عبر اللافتات والبيانات، أكد التيار موقفه الراسخ:
“كلا لشمول الفاسدين والقتلة وسراق المال العام بقانون العفو العام!”
إن تمرير قوانين تمنح الفاسدين مخرجًا قانونيًا هو طعنة في قلب العدالة، وإهدارٌ لحقوق الشعب الذي عانى من تداعيات الفساد ونهب ثرواته لعقود.

قانون الأحوال الشخصية.. معركة الدفاع عن حقوق المرأة والطفولة
من جانب آخر، لم يغب عن الحدث النقاش الحاد حول التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، والتي تهدد بتمرير تشريعات تُعيد العراق إلى عصور من الظلم الاجتماعي والتهميش، خصوصًا فيما يتعلق بزواج القاصرات وتشريع التمييز الطائفي في الأحوال الشخصية. رسالة التيار كانت واضحة:
“كلا لتعديل قانون الأحوال الشخصية! كلا لتزويج القاصرات! كلا لسلب الطفولة العراقية! كفا تسييسًا طائفيًا لمجتمع متنوع الأعراق!”
فالقانون يجب أن يكون حصنًا يحمي حقوق الأفراد، لا أداةً لشرعنة ممارسات تكرس الظلم الاجتماعي والتفرقة بين المواطنين.
السياق السياسي والمجتمعي: معركة مستمرة من أجل الإصلاح
ما يحدث اليوم في العراق ليس مجرد معركة حول نصوص قانونية، بل هو صراع أعمق حول هوية الدولة واتجاهها السياسي والاجتماعي. فبينما تحاول القوى المهيمنة فرض قوانين تمنحها الحماية والاستمرارية على حساب الشعب، تتصاعد أصوات التيارات الوطنية المعارضة، مثل تيار قضيتنا، رافضةً الخضوع لسياسات الأمر الواقع، ومطالبةً بإصلاحات جوهرية تنقذ البلاد من دائرة الفوضى والاستغلال.

لماذا هذه المعركة مهمة؟
في بلد يعاني من أزمة ثقة بين الشعب والنظام السياسي، يصبح إقرار القوانين أداةً إما للعدالة أو لتعزيز الفوضى والفساد. ولهذا، فإن التيارات المعارضة التي تسعى لحماية المجتمع من القوانين المجحفة، ليست مجرد أصوات احتجاجية، بل هي درعٌ يحمي مستقبل العراق.
إن هذه الندوة والفعاليات المشابهة ليست مجرد تجمعات فكرية، بل هي خطوات ملموسة في معركة الوعي العام، حيث بات واضحًا أن التغيير لن يأتي من داخل السلطة، بل من ضغط الشارع والمجتمع المدني على أصحاب القرار، لإجبارهم على تبني سياسات تخدم الصالح العام لا المصالح الضيقة.
لا تراجع عن الإصلاح الحقيقي
إن تيار قضيتنا، من خلال هذه الفعاليات والبيانات الواضحة، يؤكد على استمراره في النضال ضد التشريعات التي تمس حقوق المواطنين، وضد كل محاولات التلاعب بالقوانين لإنقاذ الفاسدين أو تكريس الظلم الاجتماعي. إن العراق يقف اليوم أمام مفترق طرق، إما أن يكون بلدًا يُحكم بالعدالة والقانون، أو أن يبقى رهينةً لمنظومات سياسية فاسدة لا تعنيها سوى مكاسبها الخاصة.
المجتمع العراقي يحتاج إلى وعي أكبر، وتحركات أقوى، وصوت لا يخشى المواجهة. وهذا ما يمثله تيار قضيتنا: معارضة حقيقية لا تباع ولا تُشترى، بل تقف في الصفوف الأمامية دفاعًا عن العراق ومستقبله.
