spot_img

ذات صلة

جمع

المحكمة الاتحادية.. قرارات على الطلب، وتفسيرات حسب المصلحة!

في كل دول العالم، تُعد المحاكم الدستورية والاتحادية صمّام...

“تيار قضيتنا” مواجهة قانونية ضد الفساد والتعديات على حقوق المجتمع

في خطوة تعكس الوعي القانوني والسياسي المتصاعد في العراق،...

النفط يقفز مع عدم إحراز تقدم في المحادثات الروسية الأوكرانية

ونظرا لأن "آيفون إس إي" الجديد فيه ذاكرة وصول...

الحرب الأوكرانية الروسية تهدد “سلة خبز العالم”

ونظرا لأن "آيفون إس إي" الجديد فيه ذاكرة وصول...

السماوة.. محطة جديدة في مسيرة تيار قضيتنا: بين تحديات الداخل وانحرافات الخارج

ليس التغيير أمنية تُطلق في الفراغ، ولا شعارًا يُرفع في المهرجانات السياسية، بل هو حركةٌ نابعةٌ من الواقع، تترجمها أقدامٌ ثابتةٌ تسير على الأرض، وإرادةٌ حرةٌ لا تُساوم ولا تهادن. اليوم، ومع افتتاح مقر تيار قضيتنا في محافظة المثنى – مدينة السماوة، نضع حجرًا جديدًا في بناء معارضةٍ حقيقيةٍ مستقلة، لا تدين بالولاء إلا للشعب، ولا تأخذ أوامرها من أحد سوى من نبض هذا الوطن.

إن المعارضة في العراق ليست ترفًا سياسيًا، بل هي ضرورةٌ وجوديةٌ في مواجهة نظامٍ أحكم قبضته على الدولة، وسخّر مواردها لخدمة شبكات المصالح الضيقة، وحوّل الوطن إلى ساحة صراعات داخلية وخارجية. في ظل هذه الهيمنة، تصبح كل محاولةٍ لإرساء مشروعٍ معارضٍ حقيقيٍ مخاطرةً، وكل خطوةٍ نحو التغيير مغامرةً في حقل ألغامٍ زرعته السلطة وأذرعها. لكننا، في تيار قضيتنا، لا نخشى هذه التحديات، لأننا ندرك أن التغيير الجذري لا يتحقق إلا بالمواجهة المباشرة، لا بالتصريحات الباردة، ولا بالانتظار السلبي.

بين قمع الداخل وتبعية الخارج: معركة الاستقلال السياسي

لسنواتٍ طويلة، كانت المعارضة في العراق إما مُطاردة في الداخل، أو مُستأجرة في الخارج. في الداخل، كل صوتٍ يعارض السلطة يُحاصر، يُشيطن، ويُحكم عليه إما بالإقصاء أو بالترهيب. لم يترك النظام مجالًا للمعارضة الحرة، بل أعاد إنتاج نفسه عبر قوى موازية، تصرخ بوجهه نهارًا، وتفاوضه في الخفاء ليلًا. أما في الخارج، فقد تحولت بعض الجماعات التي تدّعي المعارضة إلى أدواتٍ في يد القوى الكبرى، تتحرك وفق الأجندة التي تُرسم لها، وتُستخدم كورقة ضغطٍ عندما تتطلب المصلحة الدولية ذلك. هؤلاء لا يمثلون العراق، بل يمثلون مشاريع من يدعمهم، ويكررون نفس النهج الذي أوصل العراق إلى ما هو عليه اليوم.

لكننا، في تيار قضيتنا، نؤمن أن المعارضة ليست وظيفةً، ولا وسيلةً للوصول إلى الحكم بأي ثمن، بل هي التزامٌ أخلاقيٌ وسياسيٌ تجاه هذا الوطن. ولهذا، فإن وجودنا في السماوة ليس خطوةً رمزية، بل هو رسالةٌ واضحةٌ بأننا نختار أن نكون في قلب العراق، لا في فنادق العواصم البعيدة؛ أن نواجه السلطة حيث تُمارس استبدادها، لا أن نتلقى الأوامر من وراء البحار.

لا تغيير بلا رؤية.. ولا معارضة بلا استراتيجية

لكننا أيضًا ندرك أن التغيير لا يُصنع بالارتجال، ولا تُبنى المعارضة بالانفعال. كثيرون رفعوا راية المعارضة، لكنهم سقطوا عند أول اختبارٍ حقيقيٍ لأنهم لم يمتلكوا رؤيةً واضحة، ولم يؤسسوا مشروعًا طويل الأمد، وظلوا أسرى ردود الفعل بدلًا من صناعة الحدث.
نحن لا نؤمن بالمشاريع المؤقتة، ولا بالتحركات العشوائية. نحن نؤمن بأن المعارضة الحقيقية يجب أن تُبنى على أسسٍ قوية، باستراتيجياتٍ واضحة، وخططٍ تمتد لعقود، لا لمواسم انتخابية. ولهذا، فإن وجودنا في السماوة ليس مجرد إعلانٍ سياسي، بل هو جزءٌ من خارطةٍ أوسع، تهدف إلى بناء بديلٍ حقيقي، يمتلك الرؤية، والكوادر، والانضباط، والقدرة على مواجهة الاستبداد والفساد بطريقةٍ منظمة، لا بطريقةٍ انفعاليةٍ عابرة.

نحن لا نسعى لأن نكون مجرد تيار معارض آخر يُضاف إلى القائمة، بل نعمل على أن نكون التيار الذي يعيد تعريف المعارضة، ليجعلها قوةً قادرةً على إعادة توجيه دفة البلد، لا مجرد صوتٍ يُستخدم عند الحاجة.

السماوة.. بداية مرحلةٍ جديدة

إن افتتاح مقرنا في السماوة ليس نهاية الطريق، بل هو إعلان بداية مرحلةٍ جديدة في نضالنا. نحن نعلم أن النظام لن يقف متفرجًا، وأن الأحزاب المتحكمة في الدولة لن ترحب بهذا الوجود، لكننا لم نأتِ بحثًا عن القبول، بل جئنا لنواجه، ونبني، ونعمل بصبرٍ وتخطيطٍ حتى يتحقق التغيير الحقيقي.

إن كل خطوةٍ نخطوها اليوم في الداخل العراقي، هي خطوةٌ نحو تحرير الإرادة السياسية من الهيمنة، نحو إعادة القرار إلى الشعب، نحو استعادة العراق من أيدي الفاسدين والمُستَأجَرين. لا طريق معبّدٌ أمامنا، ولا ضماناتٌ للنجاح السريع، لكننا نؤمن أن المستقبل لا يُمنح، بل يُنتزع، ولا يُصنع بالشعارات، بل بالعمل الدؤوب، ولا يُختصر في لحظةٍ، بل هو مسيرةٌ طويلةٌ يجب أن نخوضها دون تراجع.

في السماوة اليوم، نزرع بذرةً جديدةً لمشروعٍ طويل الأمد.
في العراق كله، نبني معارضةً لا تساوم، لا تخضع، لا تباع ولا تشترى.
وفي المستقبل، سنحصد ثمار هذا العمل، مهما طال الزمن.

تيار قضيتنا.. لأن العراق يستحق أكثر.

.

spot_imgspot_img